أعلنت المديرة العامة للمخدرات في السعودية، القبض على مواطنين بمنطقة الحدود الشمالية، لترويجهما أقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي ومادة الحشيش المخدر ومادة الأمفيتامين المخدر، وضبط بحوزتهما ذخيرة حية ومبلغ مالي.
وقالت المديرية العامة للمخدرات أنه تم توقيف الأشخاص المضبوطين واتخاذ الإجراءات النظامية بحقهما، وإحالتهما إلى النيابة العامة.
وتقود السعودية حرباً ضروساً ضد المخدرات سواء بالملاحقات الأمنية أو إطلاق الحملات التوعوية أو الرعاية الصحية والاجتماعية، مستهدفة إشراك عناصر المجتمع كافة في الحرب على جميع أنواع الإدمان وتعاطي المواد المخدرة.
اقرأ ايضاً:
الضمان الاجتماعي يعلن الخبر السعيد لجميع المستفيدين.. تسهيل شروط قبول الفرص الوظيفية
انتقادات جريئة من تركي السهلي بعد خسارة النصر.. تحليل الأداء والتنظيم
هل تبحث عن طريقة آمنة وسريعة لتحويل الأموال إلى اليمن؟ السعودية تقدم لك الحل!
هل الذهب هو المستقبل؟ تعرف على أحدث أسعار الذهب في السوق السعودي
فضيحة مالية تهز السوق السعودية.. إدانة 14 مسؤولاً من كبار التجار ورجال الأعمال
مصطلح “الحرب على المخدرات” درج استخدامه مطلع سبعينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأميركية، بعد أن أعلن رئيسها – آنذاك – ريتشارد ينكسون، إطلاق حملة للحد من تجارة المخدرات، وتقديم مساعدات عسكرية لمواجهة طرق التجارة غير المشروعة في البلاد.
المصطلح الذي تناولته وسائل الإعلام الأميركية في تلك الحقبة الزمنية، عاد من جديد للتداول في مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما “تويتر” على هيئة وسم “#الحرب_ضد_المخدرات”، إذ بدأ رواد المنصات التفاعل معه، وذلك بعد أن أطلقت السعودية قبل أسبوع أقوى حملاتها لمكافحة المخدرات التي تخرج عن الطابع التوعوي والاجتماعي الذي كان سائداً في الحملات السابقة، لتشمل الجانب الأمني وتشديد الرقابة على المنافذ وحملات التفتيش.
لم تقتصر المشاركة في الوسم على رواد التواصل الاجتماعي، بل شاركت الحسابات الحكومية الرسمية وحسابات الجهات المشاركة في الحملات سواء الأمنية أو الطبية وكذلك الرقابية والاجتماعية، إذ تتزامن الحرب التي تقودها الرياض خلال هذه الفترة مع تزايد موجات تستهدف البلاد بهذه الآفة الخطرة، حيث يتم تهريب كميات كبيرة بين الحين والآخر لتدمير المجتمع السعودي.
وقال وزير الداخلية السعودي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف “ضربة تتلوها ضربات، لن ينجوا منها مروجي ومهربي المخدرات ومن يستهدفون مجتمعنا ووطننا”.
حملات ضمن حملة
وتتضمن الحملة الجديدة التي بدأت الرياض في شنها للقضاء على المخدرات عدداً من الحملات، من أبرزها “بلغ عنهم” و”بالمرصاد” اللتان تتناولان جوانب مختلفة عن الحملات السابقة، إذ تستهدف جميع الأطراف سواء كان متعاطياً أو مروجاً أو مهرباً، ووضعت رقماً موحداً للإبلاغ عنهم، وامتدت الحملة كذلك لمن يرتادون تلك الأماكن ولا يقومون بالإبلاغ، وتهدف هذه الخطوة إلى إشراك جميع المواطنين والمقيمين في الحرب ضد المخدرات.
ويعلق مدير مركز طريق التعافي لعلاج وتأهيل مرضى الإدمان سليمان الزايدي على الحملة بالقول “اليوم لدينا تناغم بين جميع الجهات المعنية بمحاربة المخدرات، إذ أصبحت القضية قضية كل مواطن”.
واستطرد الزايدي قائلاً “هنالك عديد من الفوائد في الحملة الجديدة التي تتميز بإشراك الجميع سواء أفراد المجتمع أو الجهات المعنية، ولعل من أبرزها تقليل عمليات ترويج المخدرات بعد تضيق الخناق على المروجين، وكذلك عدم قدرة المتعاطي على التحرك بسهولة، خصوصاً وأن النظام الجديد يشمل عدداً من التغيرات لاسيما في ما يتعلق بالمتعاطي الذي يمنع خروجه بكفالة في حال القبض علية كما كان في السابق، بل يقدم للمحاكمة وتطبق عليه العقوبة المنصوص عليها في النظام”.
وأضاف الزايدي “أن أقدم المتعاطي للعلاج في المراكز المتخصصة فيه إعفاء من العقوبات”، لافتاً إلى ارتفاع الوعي بين شرائح المجتمع لاسيما فئة الشباب من خطر المخدرات والإدمان، وكذلك الارتفاع في معدلات إقبال المتعاطين على العلاج منها.
النيابة العامة
وشاركت النيابة العامة في حملة التصدي للمخدرات ومكافحتها في البلاد، إذ أوردت عدداً من التغريدات عبر حسابها الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” أكدت فيها أن العقوبات المنصوص عليها في النظام (السجن لمدة ستة أشهر) تطاول كل من يتردد على مكان معد لتعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أثناء التعاطي مع عمله بما يجري فيه وإن لم يثبت تعاطيه”، كما أوضحت أن النظام يشدد العقوبات على الجاني في حال استغل في ارتكاب جريمته أحد ممن يتولى تربيتهم أو قاصر، أو قدم لقاصر مخدراً أو باعه إياه أو دفعه للتعاطي بأية وسيلة سواء كانت ترهيباً أو ترغيباً، مشددة على أنها لن تتساهل في ملاحقة مرتكبي جرائم المخدرات أو المؤثرات العقلية بأوصافها الإجرامية كافة أينما ارتكبت.
وفي السياق ذاته تزامن مع الحملة الأخيرة لمكافحة المخدرات عدد من التغيرات في الأنظمة التي اتسمت بالتشدد في التعامل مع مرتكبي تلك الجرائم سواء كان تهريباً أم ترويجاً أم حتى تعاطياً، كما منحت صلاحيات رجال الأمن في ضبط المتعاطين والمروجين، وشملت التغييرات منع الكفالات الشخصية والحضورية لمن يتم ضبطه وبحيازته مخدرات مهما كانت الكمية المادة المضبوطة، وكذلك السجن في حال حيازتها أو استخدامها.
لماذا تحاربها؟
وبعيداً من تشدد الرقابة والعقوبات للحد من انتشار المخدرات في المجتمع، التي تعد من أساسيات الحملة الحالية، فإن لانتشار المخدرات بين أفراد المجتمع أثاراً وأضراراً متعددة كما تصفها استشاري أول طب نفسي وعلاج الإدمان في مستشفى الأمل بجدة الدكتورة فاطمة كعكي قائلة “إن أكثر الفئات المتضررة هم المراهقون، أو الشريحة ما بين 15 و25 سنة”.
وأشارت كعكي إلى وجود ارتفاع في معدلات التعاطي وإدمان المخدرات عالمياً “وفقاً لتقرير المخدرات العالمي الأخير والصادر في عام 2021 عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن عدد المتعاطين في دول العالم بلغ 275 مليون شخص، وهو ما يمثل زيادة 22 في المئة عن عام 2010”.
واستطردت استشاري علاج الإدمان بالقول “أصبح إطلاق حملات توعية للتعريف بمخاطر المخدرات ركيزة أساسية في العمل الأمني الحديث، إذ تقوم بدور مهم في ترسيخ أمن المجتمعات واستقرارها، فهي تلبي حاجات تسهم في التوعية والتثقيف والتوجيه والإرشاد للوقوف في وجه الظواهر السلبية والمتغيرات الاجتماعية التي تطرأ عليه”.
المخدرات والجريمة
وترى كعكي أن لانتشار تعاطي المخدرات في المجتمع عديداً من الآثار السلبية ولعل من أبرزها الجرائم والعنف الأسري، موضحة أن “زيادة جرائم العنف بين الأفراد في المجتمع بين السرقة والاغتصاب والقتل وغيرها من الجرائم التي لها علاقة مباشرة بالإدمان، لاسيما وأن المتعاطي يقوم بها من دون وعي، كما أن التعاطي يعد أحد أسباب زيادة معدلات الحوادث المرورية، وذلك بسبب عدم القدرة على التركيز وتأثير هذه المادة المخدرة في العقل”.
الجانب الاقتصادي
وأكدت كعكي أن انتشار تعاطي المخدرات يؤثر في الحالة الاقتصادية للدول، وذلك لأن الدولة تنفق عديداً من الأموال في مكافحة جميع حالات الإدمان وبناء مراكز متخصصة للعلاج، إضافة إلى كلفة حملات التوعية التي تقوم بها الدولة للوقاية من الإدمان، منوهة بالانهيار الأخلاقي الذي يسببه الإدمان في المجتمع وذلك بسبب سوء الرقابة على الشباب، وانتشار السلوكيات الإجرامية، كما يقلل من العمالة الماهرة، لأن زيادة الإدمان يجعل الأشخاص لا يقدمون الأفضل في العمل، بالتالي فإنه يكون له تأثير واضح في الأعمال المختلفة”.
وأوضحت استشاري أول طب نفسي وعلاج الادمان أن التعاطي أحد أهم أسباب انتشار الأمراض المعدية، الذي يحدث بسبب تبادل الحقن خلال التعاطي، ومن ضمن هذه الأمراض الإيدز وفيروس سي وغيرها من الأمراض المعدية الخطرة”، لافتة كذلك إلى أضرار إدمان المخدرات على الفرد والأسرة والمجتمع من خلال التسبب المباشر في التفكك الأسري، الذي يعد من أكبر المشكلات التي تتعرض لها الأسرة جراء إدمان أحد الزوجين، ففي الغالب يتدهور الوضع المالي للأسرة ويتم الانفصال، لأن تعاطي المخدرات يتطلب دفع كثير من الأموال، ومع اختلاف الطريقة التي سيحصل المتعاطي من خلالها على المال فإنه سيكون سبباً في التدهور المالي للأسرة”.
وبينت أنه في حال وجود شخص “مدمن” في الأسرة، فإن هذا يجعلها منبوذة اجتماعياً وجميع المحيطين بها لن يكون لديهم رغبة في التعامل معها، مشيرة إلى احتمالية ولادة أطفال مشوهة إذا كانت الأم تتعاطى المواد المخدرة.
المدمن والعمل
وحذر مدير ادارة الموارد البشرية في شركة محمود سعيد خالد العتيبي من مخاطر فقد المتعاطي لوظيفته أو فرصته في العمل، لأن النظام يلزم الموظفين الجدد بعمل فحوص طبية من ضمنها المخدرات، ويتم استبعاد توظيف المتقدم للعمل في حال كان متعاطياً، وكذلك الحفاظ على السلامة العامة وبيئة العمل من خلال فحص الموظفين القدامى، وفصل من يثبت تعاطيه للمخدرات.
كميات مهولة
وفي سياق متصل لا تتوقف حملة السعودية لمحاربة المخدرات على مروجيها ومتعاطيها في الداخل ضمن حملتها “بلغ عنهم”، بل تشمل كذلك تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية للبلاد سواء البحرية أو الجوية أو البرية، وكذلك تكثيف حملات التفتيش والبحث والتحري.
وعلى رغم عدم وجود إحصاءات رسمية بعدد المواد التي يتم تهريبها أو تلك التي يتم يتم العثور عليها، إلا أن التقارير الإخبارية الأخيرة تتحدث عن عدد مهول منها، فقبل أيام قالت المديرية العامة لمكافحة المخدرات إنها ألقت القبض على مواطن بمنطقة الجوف، لترويجه مادة الحشيش المخدر، وجرى إيقافه واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه، وإحالته إلى النيابة العامة.
وفي خبر آخر نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس”، في الأول من شهر مايو (آيار) الجاري قال المتحدث الرسمي للمديرية العامة لمكافحة المخدرات الرائد مروان الحازمي، إن المتابعة الأمنية لشبكات تهريب وترويج المخدرات التي تستهدف أمن البلاد وشبابها، أسفرت عن إحباط محاولة تهريب (5,280,000) قرص من مادة الإمفيتامين المخدر داخل شحنة أحجار ومستلزمات بناء عبر ميناء جدة الإسلامي، والقبض على مستقبليها في الرياض وجدة.
وفي شهر منتصف شهر أبريل (نيسان) الماضي نشرت “واس” خبراً عن المتابعة الأمنية لشبكات تهريب وترويج المخدرات “أسفرت عن ضبط (3,636,000) قرص من مادة الإمفيتامين المخدر مخبأة في شحنة بطاطا، والقبض على مستقبليها في منطقة الرياض، وهم ثلاثة مقيمين ووافدين بتأشيرة زيارة، وجرى إيقاف المتهمين واتخاذ الإجراءات النظامية”.
حملات سابقة
يذكر أن السعودية نظمت عدداً من الحملات لمكافحة المخدرات خلال الأشهر الماضية التي سبقت هذه الحملة، ففي أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي كانت تحت شعار “خلك قريب”، وتلتها حملة أخرى في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعنوان “وش يعطيك”، جميعها تهدف إلى توعية المجتمع من أضرار هذه المخدرات والحد من انتشارها.
اقرأ ايضاً: